تقليص ساعات العمل الأثر والجدوى
تاريخ النشر: 15/01/2020 - عدد القراءات: 6580
تقليص ساعات العمل الأثر والجدوى
تقليص ساعات العمل الأثر والجدوى

تقليص ساعات العمل الأثر والجدوى

هذه ورقة بحث مقدمة من الدكتور محمد بشارات.

مقدمة عن ساعات العمل:

تعرف ساعات العمل بأنها الوقت الذي يقضيه الموظف في القيام بعمله في داخل المؤسسة أو الجهة التي يعمل لديها، حيث يرجع لجهة العمل الدور في تنظيم وترتيب الساعات لمساعدة الموظفين على التوفيق في مسؤولياتهم مابين العمل والمنزل، مع الحرص على حصولهم على ساعات راحةٍ كافية، كما توجد منظماتٍ خاصّةٍ للتأكد من حصول الموظفين على ساعات الراحة الكافية وعدم العمل لفترات طويلة

البلدان التي تستنزف عمالها كاليابان والدول الاوربية  وامريكيا وتأثيره على الانتاجية :

العمل أكثر من 50 ساعة يؤدّي إلى انخفاض حاد في الإنتاجية، ويبلغ الأسوأ حين يرتفع من 55 إلى 70 ساعة أسبوعياً، ولا يتوفّر أيّ مؤشّر على زيادة الإنتاج في الساعات الإضافية.

يتحدّث الناس عن رغبتهم في العمل لساعات أقلّ من تلك المحدّدة، إلا أنّ الحال تنتهي بهم في العمل لأكثر من 50 ساعة أسبوعياً، هذا ما أظهرته دراسة شملت 600 ألف شخص من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا. والظنّ بأنّ فوائد العمل لساعات طويلة أسبوعياً يمكن أن تُجنى لاحقاً، هو أمر شائع عند البشر بحسب ما كشفت عنه الدراسة.

وهذه الدراسة التي أجريت في العام الماضي تُعدّ الأكبر من نوعها، وقد استندت إلى أكثر من 25 دراسة سابقة وراجعها عدد كبير من الأساتذة الجامعيين. وقد توصّل الباحثون إلى أنّه كلما كانت ساعات العمل طويلة، كلما تعرّض الإنسان لمخاطر صحية واجتماعية أكبر. فتزايد العوامل المؤدية إلى تفاقم الوضع الصحي مرتبط ارتباطاً مباشراً بطول ساعات العمل، التي قد تؤدّي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب بالإضافة إلى تغيّرات في السلوك الاجتماعي مرتبطة بالإجهاد. فالعمل بين 41 و48 ساعة أسبوعياً يزيد من مخاطر الإصابة بسكتة دماغية بنسبة 10 في المائة. وتزداد تلك النسبة إلى 27 في المائة في حالة العمل ما بين 49 و51 ساعة أسبوعياً. ومن يعملون أكثر من 55 ساعة أسبوعياً، تزيد مخاطر الإصابة بسكتات دماغية وأمراض قلب لديهم عن 33 في المائة.

ليس غريباً أنّ المرض الاجتماعي الأكثر انتشاراً في بعض دول الغرب مرتبط بالإجهاد في أكثر جوانبه، ويفاقم المشاكل الاجتماعية الأخرى مثل العزلة والفردية، بالإضافة إلى ما تترتّب عنه من تكاليف باهظة لقطاعات عدة من صحة إلى رعاية اجتماعية في الدول حيث تطول ساعات العمل.

في الولايات المتحدة الأميركية حيث يعمل أكثر من نصف الأميركيين 50 ساعة وما فوق أسبوعياً، وبناءً على بحث أعدّه الأستاذ جون بينكافل من جامعة ستانفورد، فإن من يُسمّون "شهداء العمل" (تسمية شائعة هناك لهؤلاء الذين يعملون لساعات طويلة عند أرباب عمل) هم في الواقع "موظفون يقدّمون مئات الساعات المجانية لأرباب العمل لقاء الحصول على يوم إجازة. لكنّها صفقة سيئة للموظفين". بالنسبة إلى بينكافل، إنّها "صفقة غير مربحة لأرباب العمل. الظنّ بأنّ ساعات عمل أطول تزيد الإنتاجية، هو ظنّ خاطئ".

بالمثل، يعمل اليونانيون ساعات عمل أطول من غيرهم من الأوروبيين، لكنهم من بين الأقل إنتاجية، وتعد اليابان مثالا آخر على ثقافة ساعات العمل الطويلة غير المنتجة، ولذلك فقد اتخذت قرارا بتقييد ساعات العمل الإضافي، ولجأت إلى أساليب استثنائية لذلك، مثل قطع الكهرباء عن المصانع والمكاتب بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية.

على أي حال، تقليص ساعات العمل اتخذ مقاربة أخرى، فبدلا من جعل العمل 4 أيام في الأسبوع لجأت شركات أخرى إلى خفض ساعات العمل اليومي، وحددته بست ساعات بدلا من 8 ، ونجم عن هذا بعض النتائج الإيجابية مثل تحسن مستوى المعيشة اليومي وانخفاض معدلات الضغط والإجهاد وزيادة الوقت الذي ينفقه الموظفون مع أسرهم وعائلاتهم، والأهم أن إنتاجية العمل ظلت على حالها، مثلما حدث في تجربة أجرتها العاصمة الأيسلندية ريكيافيك، من خلال خفض ساعات العمل الأسبوعي حوالي 5 ساعات.

وكانت النتيجة أن الإنتاجية ظلت على حالها وكذلك الحال بالنسبة إلى التكاليف، أي أن خفض ساعات العمل لم يؤثر في أي شيء بالنسبة للشركة، لكن كشف الموظفون عن رضا أكبر، كما انخفض عدد أيام الإجازات المرضية.

في دراسة أخرى لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وضحت أن أغلب الدول التي تكون ساعات العمل بها أكبر هي أكثر معاناة، ففي المكسيك مثلاً تبلغ عدد ساعات العمل 2237 ساعة سنوية لكل عامل حيث يعمل 50% من الموظفين أكثر من 50 ساعة أسبوعيًا، وفي روسيا تبلغ عدد ساعات العمل للفرد نحو 1980 ساعة سنويًا وفي تركيا حدد قانون العمل أن عدد ساعات العمل الأسبوعي هي 45 ساعة بمعدل 9 ساعات يوميًا أي نحو 2214 ساعة سنوية.

 

البلدان التي بدأت تعتمد سياسة تقليص العمل:

السعادة والالتزام والإنتاجية هكذا تتمنى غالبية الشركات في العالم أن يكون الموظفون فيها، لكن بعض الشركات ذهبت أبعد من ذلك مانحة العاملين فيها يوم عطلة أسبوعيا إضافيا لتحقيق النتيجة ذاتها.

فقد أجرت شركة نيوزيلندية تجربة استغرقت 8 أسابيع بمنح الموظفين 3 أيام عطلة أسبوعية، والعمل 4 أيام بدلا من خمسة، مع الالتزام بساعات العمل وكافة المزايا والشروط.

النتيجة كانت مدهشة بحسب ما كشف المدير التنفيذ لشركة "بيربيتشيول غارديان" النيوزيلندية أندرو بارنيس، مشيرا إلى أن الشركة حققت زيادة في الإنتاجية بنسبة 20 بالمئة بعد تخفيض أيام العمل من 5 إلى 4 أيام.

ووجد أستاذ إدارة الموارد البشرية في جامعة أوكلاند جارود هار، من تحليله لنتائج الدراسة، أن الرضا الحياتي يزداد على كافة المستويات، في العمل والمنزل على السواء، الأمر الذي يدفع العاملين والموظفين إلى أداء أفضل وسعادة أكبر في العمل.

وأظهرت الدراسة نتائج أخرى عديدة، الأمر الذي أثار الشكوك بشأن الإنتاجية والثقافة السائدة لساعات العمل الطويلة، وغيرها ،أبرز نتيجة بالطبع أن ساعات العمل الطويلة لا تعني إنتاجية أكثر بالضرورة فعلى سبيل المثال، تعتبر كوريا الجنوبية من بين الدول الأقل من حيث الإنتاجية، رغم أنها من بين الدول الأكثر من حيث ساعات العمل.

وحسب دارسة صادرة من التعاون الاقتصادي والتنمية بينت أن أكبر 10 دول من ناحية إجمالي الناتج المحلي الإجمالي السنوي 7 منهم ضمن قائمة الدول صاحبة الأقل ساعات عمل في العالم بحيث لا يزيد فيها ساعات العمل عن 7 ساعات خلال اليوم، وهذه الدول الدول هي لوكسمبورغ والنرويج وأستراليا وسويسرا وهولندا وألمانيا والدنمارك والولايات المتحدة وأيرلندا والسويد.

 

الايجابيات والسلبيات :

    يجابيات تخفيض ساعات العمل تعمل الموازنة في ساعات العمل وتخفيضها على خلق موظفين مثابرين يعملون بكد وجهد مما يزيد من إنتاجيتهم وبالتالي زيادة الأرباح العامة، كما وتساعد الشركات على خفض تكاليف التشغيل وخصوصاً خلال الفترات الاقتصادية الحرجة التي قد تمر بها، سلبيات تخفيض ساعات العمل على الرغم من الإيحابيات التي تحققها الشركات عند خفض ساعات العمل قد تعمل على وضع الموظفين بموقفٍ ساخط على جهة العمل نظراً لخفض الأجور المترافق معها والتي قد يؤدي لفقدان المؤسسات لموظفين أكفاء غير راضين، لذا يجب أن يتم إدارة الموقف من قبل جهة العمل وتخصيص أجورٍ إضافيةٍ عن كل ساعة عمل زائدة عن الوقت المتفق عليه والذي يتراوح عادةً حول 40 ساعة عمل في الأسبوع الواحد.

نظام العمل بساعاتٍ مرنة يقدم نظام الوظائف بساعات عملٍ مرنةٍ فوائد جمّةً للموظفين ولأصحاب العمل سواء أكان عملاً يومياً مرناً أم عملاً من المنزل دون الحاجة للتواجد في مكان العمل، فيستطيع الموظف تلبية المسؤوليات الأسرية والالتزامات المطلوبة منه، كأن يستطيع حضور مباراة طفله الصغير ثم العودة لإتمام عمله، كما يوفر العمل من المنزل تكاليف الوقود والتنقل من وإلى مكان العمل إضافةً لتجنب الازدحام الحاصل وقت الذرة خصوصاً للوظائف المتطلبة للوصول في وقتٍ باكر، أيضاً تخفف من الضغط الذي يشعر به الموظف عند العمل المتواصل، ومن المميزات التي يوفّرها هذا النظام لأصحاب العمل زيادة كفاءة وجودة إننتاجية الموظف. انخفاض تأخر الموظفين وتغيبهم عن العمل. رفع معنويات الموظفين.

 

واقع العالم العربي في هذا الاطار :

      مازالت الحكومات العربية غير مقتنعة بتخفيض ساعات العمل متحججة بأنه سيزيد من الاعباء المالية على الدولة او حتى الشركات وانه ليس ضمن مفاهيم الترفيه حيث أن أغلب الدول لا توفر ادنى مقومات الترفيه لشعوبها وهي غير قادرة على تلبية الحد الادني للخدمات الاساسية ، كما أن رجال الاعمال واصحاب الثروات لن يقبلوا بهذه الفكرة لانه ستكلفهم من اموالهم وحيث إن ذلك سيخل (بأجور الموظفين- الخدمات المقدمة للمواطنين) كما يقول الكثير من متحدثي الحكومات في العديد من المناسبات وعلما ان هناك بعض الدول العربية تعتمد عدد ساعات 39 ساعة عمل في المنشأت الحكومية ولم تستطع أن تجبر القطاع الخاص بذلك .

التوصيات :

·        لابد من عمل دراسة مستفيضة في العالم العربي.

·        تشكيل اتحاد يجمع المنظمات الحومية والقطاع الخاص للتدارس.

·        اعتماد سياسة التوظيف على الانتاج وليس على الساعات.

·        اعتماد التحفيز للموظفين لتعزيز الانتاجية .

·        اعتماد برامج ترفيهية في داخل المؤسسات الحكومية القطاع الخاص.

·        العمل على تشكيل لجان اجتماعية تفاعلية في بيئات العمل.

·        الاهتمام بأسر الموظفين من خلال برامج خاصة وتحفيزية.

 

 

 

·         المراجع التي تم الاعتماد عليها :

·         https://www.skynewsarabia.com/business

·         https://mawdoo3.com

·         https://www.noonpost.com/content/16054

·         https://www.alaraby.co.uk/society/

·         ↑ "working hours", dictionary.cambridge.org, Retrieved 26-6-2018. Edited. ↑ "Working hours", www.acas.org.uk, Retrieved 26-6-2018. Edited. ^ أ ب ت Randolf Saint-Leger, "Advantages & Disadvantages of Reducing Working Hours"، smallbusiness.chron.com, Retrieved 26-6-2018. Edited. ↑ Miranda Brookins, "Negatives of Flexible Work Schedules"، smallbusiness.chron.com, Retrieved 11-7-2018. Edited. ↑ Neil Kokemuller, "The Advantages & Disadvantages of Flexible Scheduling for an Employer"، smallbusiness.chron.com, Retrieved 11-7-2018. Edited

تم طباعة هذا المقال من موقع موقع الدكتور محمد بشارات (bsharat.com)

© جميع الحقوق محفوظة

(طباعة)