أهم المشاكل والقضايا الصحية والاجتماعية المتعلقة بالأسرة
تاريخ النشر: 19/02/2018 - عدد القراءات: 17477
أهم المشاكل والقضايا الصحية والاجتماعية المتعلقة بالأسرة
أهم المشاكل والقضايا الصحية والاجتماعية المتعلقة بالأسرة

 أهم المشاكل والقضايا الصحية والاجتماعية المتعلقة بالأسرة

لا شك أن العلاقات الأسرية هي أسمى وأقدس العلاقات على وجه الأرض .. بذرتها، تبدأ بين فردين بالزواج، ثم أفراد بالإنجاب، وتمتد لتشمل الأقارب والأصهار من الطرفين، إنها كالشجرة التي تمتد أوراقها ليستظل بها الجميع، وكلما ازدادت أوراقها وتشابكت أغصانها كلما كانت الحضن الدافئ والحصن الأمين لكل من يأوي إليها.
لقد تعددت الكتابات حول العلاقات الأسرية والتفكك الأسري، وتناولها العديد من الدراسات والأبحاث، فمن الباحثين من تناول بعض جوانبها، فيما اشتملت أبحاث بعضهم الآخر على جميع الجوانب. فهي موضوع خصب وحساس، ولم لا وهي أساس البنيان الاجتماعي الذي بدأ به سبحانه وتعالى الخلق بخليفته على الأرض، آدم وحواء، ومدهما بالذرية، ونظم العلاقات الأسرية في كتبه وشرائعه السماوية.
غير أن التقدم الحضاري والتطور الزمني قد ألقى بظلاله على الأسرة، فلم تعد كما كانت من التماسك، بل أصبح تفككها أحد الظواهر التي لا نستطيع أن نغمض أعيننا عنها، إذ أن أي خلل في البنيان الأسري لن تقع تبعاته السيئة على فرد واحد من الأسرة، بل على كل الأطراف المعنية التي تضمها مظلة العلاقات الأسرية لذا ظهرت العديد من المشاكل الأسرية ذات الجانب التربوي أو الصحي أو النفسي مما جعلنا دائما نركز على خطورة هذه المشاكل ومدى مساسها لعمق الرتابط الاجتماعي الأسري
ومن أهم هذه الممشاكل واثرها:
المشكلات الاجتماعية : كسوء العلاقة بين الزوجين والأبناء ومشكلات المرأة العاملة وتعدد الزوجات والطلاق وغيرها.
المشكلات الصحية : كمرض أحد أفراد الأسرة بمرض مزمن والإصابة بالعاهات والعقم ...
مرحلة ما قبل الزواج : وأهم مشكلاتها سوء الاختيار الزواجى وقصور الثقافة الأسرية والاختلاط بين الجنسين ومشكلة الأطفال اللقطاء ومشكلة الإسكان والتغالى فى المهور .
مرحلة ما بعد الزواج : سوء التوافق العاطفى والجنسى والغيرة والخيانة الزوجية والصراع على السلطة فى البيت ومشكلات المرأة العاملة وتنافر الثقافة والقيم والميول بين الزوجين وإدمان الخمور والمخدرات والإسراف والبخل والفشل فى تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين ودور الحضانة والمواصلات والمرض والعقم والهجر والسجن والطلاق وتعدد الزوجات والوفاة والبطالة والفقر وسوء تربية الأبناء وانحراف الأحداث .
مرحلة ما بعد زواج الأبناء :تقاعد رب الأسرة ، ومن مشاكلها الشعور بالوحدة وهجر الأولاد وضعف الدخل وأمراض مرحلة الكبر ( الشيخوخة ) .
وهناك من يقسم المشاكل الأسرية إلى مشاكل خاصة ومشاكل عامة :
أ ـ المشاكل الخاصة : وتتعلق بالزوج أو الزوجة كالكراهية وسوء المعاملة والفرق بين الزوجين فى الثقافة أو فى السن والإصابة بالأمراض .
ب ـ المشكلات العامة :ترجع إلى المجتمع الخارجى بما فيه من تقاليد وعادات ومواريث ثقافية سيئة ومشاكل اجتماعية واقتصادية سيئة تؤثر فى الأسرة بشكل ما ، كالإصابة بالأمراض المختلفة .. وتقسم هذه المشكلات إلى نوعين :
مشكلات الحياة العادية : التى يمكن تفاديها أو علاجها بالكثير من الحلول ، وهذه هى النوعيات من المشكلات التى تظهر خلال مراحل تكوين الأسرة .
ومشكلات حيوية : تزعزع دعائم الأسرة وقد تقضى على كل أو بعض هذه الدعائم وتحيلها إلى أسرة منهارة أو عاجزة عن مواصلة النمو والتقدم فى تحقيق وظائفها الاجتماعية الهامة ، 
وهذه النوعية يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات رئيسية من المشكلات المهددة أو المحطمة لكيان الأسرة :*مشكلات العلاقات الزوجية *مشكلات تنتج عن النكبات والكوارث * مشكلات انحراف بعض أفراد الأسرة
 
- المقوم الصحي : ويقوم على مدى خلو الأسرة من الأمراض المختلفة ،وخلوها من الأمراض الوراثية على وجه الخصوص، ومدى قدرة أفرادها على الترابط والتماسك ومواجهة أزمات المرض وما تخلفه من مشاكل ، وبناء على ما سبق فإن أي خلل أو قصور في أحد هذه المقومات يمكن أن يدفع بالأسرة إلى التفكك .
أثبتت الدراسات الحديثه ان المراهقين الذين تربوا في أسر مستقرة وسعيدة، يتسمون بقابلية أكثر للتمتع بزواج صحي ومستقر من غيرهم ممن تعاني أسرهم من مشاكل مستمرة وعدم استقرار أسري.
العائله ليست فقط مجموعة من الناس تتشارك في المنزل أو في بعض الصفات الوراثية. مفهوم العائلة أكبر من ذلك بكثير. يجب أن تكون العائلات هي المصدر الأساسي للدعم والتشجيع النسبة لأبنائها. فالتمتع بالدفء الأسري يخلق استقرار نفسي وشخصيات متزنة. ولكن ليس عنى ذلك أن يظل جميع أفراد العائلة على وفاق دائم طوال الوقت. فالاختلاف هو سمة البشر، وكثيرا ما تحدث الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة سواء بين الأبوين أو بين الأبناء بعضهم البعض.
ترجع هذه الخلافات إلى اختلاف الشخصيات، التفكير ووجهات النظر. وقد تكون ناتجة لضغوط عصبية يتعرض لها أحد أفراد الأسرة من مرض، ضائقة مادية، مشاكل في العمل أو غيرها من الكثير من المشاكل التي نصادفها في حياتنا اليومية وتؤدي بنا الى التوتر والعصبية. مما قد يؤثر بالسلب على جميع أفراد العائلة، خاصة اذا كانت هذه المشاكل تتخذ طبيعة عنيفة أو تستمر لفترات طويلة.
وأكثر المشاكل تأثيرا هي المشاكل التي تحدث بين الزوجين، حيث يشعر الأبناء بتوتر العلاقة بين أبويهم مما يعطيهم الشعور بعدم الأمان وبالتالى تتأثر سلوكياتهم وطرق تعاملهم مع من حولهم بسبب هذه المشكلات. بل ويمتد هذا التأثير ويستمر مع الطفل عندما يكبر وينفصل بحياته عن عائلته ويبدأ في تكوين أسرته الخاصة.
تم اجراء بعض الدراسات الدقيقة على عدد من الأسر لتحديد أثر التفاعل الاسري الايجابي بين أفراد الأسرة الواحدة. وعملت هذه الدراسة علي 5 محاور لتقييم هذا الأثر، وهذه المحاور هي استجابة المستمع، الثقة بالنفس، والسلوك الاجتماعي الإيجابي، والتواصل الفعال، والدفء الدعم.
وقد وجد أن الأسر التي تتميز بالتواصل والمشاركة بين أفرادها تحقق أعلى الدرجات في هذه المحاور، وان أبناء هذه الأسر يبحثون عن نفس الصفات الايجابية في شريك حياتهم عند قيامهم بتكوين أسرة جديدة. مما يثبت أن الدفء الأسري واحتواء الأبناء والاستماع لمشكلاتهم ينتج عنه أسر جديدة مستقرة في المستقبل.
لذلك، فالمسؤولية التي تقع على عاتق الآباء والأمهات ليست بالسهلة أو البسيطة. فكونك أم فأنت مسئولة عن غرس القيم والمبادئ في شخصية طفلك ليخرج للمجتمع فردا سويا قادرا على افادة نفسه ومن حوله. كما انك أيضا مسئولة عن الحفاظ على هدوء بيتك والتصدي للمشكلات التي قد تهدم المنزل أو تتمكن من تدمير نفسية أطفالك وتؤدي بهم الى الاستمرار على نفس النمط المضطرب في المستقبل.
من أهم ما يمكنك فعله ليحظى أبنائك بمناخ أسرى دافئ واستقرار نفسى طوال حياتهم:
إعطاء الطفل الاحساس بالأمان. تحدثي مع أبنائك عن مشاكلهم ومخاوفهم ودعيهم يعلموا أنك موجودة لحمايتهم دائما.
إظهار حبك لأبنائك والاستماع الجيد لكل ما يخصهم. يجب عليك احتضان أبنائك والحديث معهم عم مدى أهميتهم في حياتك، كذلك يجب عليك التفرغ للاستماع الى مشكلاتهم اليومية ومحاولة حلها معهم.
وضع قواعد ونظم يلتزم بها الطفل داخل المنزل وخارجة. بذلك يتعلم أبنائك الانضباط والتغلب على أهواهم.
كوني قدوة لأبنائك. دائما ما يرى الأبناء في أهلهم مثال يحتذون به في كل تصرفاتهم. لذلك يجب عليك أن تكوني مثال جيد ونموذج للأخلاقيات الصحيحة.
وضع العائلة يتدخل في صحة أفرادها: قالت مجلة "ميا فيدا" البرازيلية انه ثبت علمبا بأن العائلة التي تعيش حالة من التماسك والوحدة يتمتع أفرادها بصحة جيدة وتعرضهم للأمراض أقل بكثير من أفراد العائلة التي تغيب عنها مقومات التماسك والترابط العائلي. وأضافت المجلة في دراسة للخبيرة الاجتماعية البرازيلية "سيلفانا دوغلاس 38 عاما" بأن الحالة العاطفية للعائلة تتدخل حتى في الصحة العقلية لأفرادها.
وأوضحت "سيلفانا" بأنه ليس من السهل تحقيق التماسك بين أفراد العائلة ولكنه ليس بالمستحيل أيضا، وشددت على أن تماسك العائلة ووحدتها يعني أيضا نجاح أفرادها في الدراسة والعمل والحياة اليومية بالاضافة الى الثقة بالنفس أمام المجتمع بشكل عام.
تسع نصائح هامة: وحددت سيلفانا المختصة االتربوية والاسرية تسع نصائح اعتبرتها هامة جدا لتحقيق التماسك والوحدة بين افراد العائلة، فما هي هذه النصائح؟
أولا: ادراك كل فرد لاخطائه: قالت سيلفانا ان أفضل حل لتصحيح الخطأ هو الاعتراف به أولا ومن ثم محاولة تصحيحه بالشكل السليم. ولن تفيد أية جهود لتصحيح الخطأ اذا لم يكن هناك اعتراف به. وأضافت بأن على الاخوة ادراك أخطائهم تجاه بعضهم البعض والاعتذار عن ذلك الخطأ والاعتراف به وتحمل المسؤولية.
وتابعت تقول ان ادراك كل فرد من افراد العائلة لاخطائه يساعد على عدم تطور سوء التفاهمات وتفاقم المشاكل لأنه متى أدرك الفرد خطأه واعترف به فان الغموض يختفي وتصبح الصراحة هي الأساس.
ثانيا: معرفة كل فرد لحدوده: عن هذه النقطة أكدت سيلفانا بأن معرفة كل فرد من أفراد العائلة لحدوده تمنح الآخرين راحة نفسية خاصة وتبعث على السلام والاطمئنان بأن الحدود المرسومة في العلاقات بين افراد العائلة محترمة ولايتجاوزها أحد. وأضافت بأن معرفة أفراد العائلة للحدود في العلاقة الأسرية تبدأ منذ الصغر وان الأبوين يعتبران مثلا يحتذى به بالنسبة للأولاد. وحذرت من أن الفوضى هي التي تزيل جميع الحدود وتؤدي الى تشابك العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة بحيث لايعرف من هو الكبير ومن هو الصغير وتغيب المعايير التي يتم على أساسها رسم الحدود.
ثالثا: استثمار العاطفة العائلية: قالت الخبيرة البرازيلية بأن على العائلة اظهار العواطف وتفادي اخفائها لأن ذلك يؤدي الى تصادمات بين أفرادها. يجب اظهار الحب والاحترام والاعتراف ان كانت هناك عواطف سلبية. وأضافت بأن موقف العائلة يجب أن يكون موحدا في اظهار العواطف أمام الآخرين وأمام بعضهم البعض وحذرت من أن عدم اظهار العواطف يؤدي الى حدوث تراكمات قد تؤثر تأثيرا سلبيا على العلاقات بين أفراد الأسرة.
رابعا: تجنب الروتين في العلاقة بين أفراد العائلة: أوضحت سيلفانا بأن من واجب أفراد العائلة التطرق لمواضيع مختلفة واتباع الحداثة في الحياة اليومية. فان كان لدى أحد افراد العائلة أمر جديد يتوجب عليه طرحه وان كان هناك موضوع جديد يكسر الروتين يجب طرحه والحديث عنه. وأشارت الى أن الروتين قد يؤدي الى فتور العلاقات بين أفراد الأسرة.
خامسا: الاستعداد الدائم للحوار: وأكدت الخبيرة البرازيلية بأن الحوار يعتبر أساسا متينا لحل أي مشكلة من المشاكل التي تحدث في الأسرة. وقالت بأن غياب الحوار بين أفراد العائلة يؤدي الى الفردية في اتخاذ القرارات الأمر الذي يتسبب في تفاقم سوء التفاهمات ووصول المشاكل الى منعطفات خطيرة تؤدي الى تفكك الأسرة.
سادسا: ايجاد وقت للاستمتاع الجماعي للأسرة: هنا أشارت الخبيرة البرازيلية الى أنه ينبغي على الأسرة ايجاد أوقات للاستمتاع الجماعي كالذهاب في نزهات جماعية وكذلك حضور المناسبات والأفراح بشكل جماعي. وأضافت بأنه يمكن تحقيق ذلك عن طريق طرح خيارات للخروج من الروتين من أجل العودة بروح جديدة من التعاون.
سابعا: احترام الصغير للكبير: اكدت "سيلفانا" بأن من أخطر المشاكل التي تواجه الأسرة الحديثة هو فقدان الاحترام للكبار في السن واعتبار فروق العمر على أنها سلبية وليست ايجابية. وقالت ان الكبر في السن يعني الخبرة في الحياة ويتوجب على الصغار احترام هذه الخبرة والعمل على الاستفادة منها بدل الاستهزاء بما يقال أو يوصف بالعقلية القديمة أو الحديثة. فالخبرة لاتعني ولابشكل من الأشكال بأن من يتمتع بها هو ذو عقلية قديمة أكل عليها الدهر وشرب. وأضافت انه حتى اذا لم يقتنع أحد أفراد العائلة بما يقوله جده مثلا فمن أبسط الأمور هو احترام مايقوله.
ثامنا: التعاون في الشؤون المنزلية: قالت الخبيرة البرازيلية ان التعاون يجب أن يكون الأساس في العلاقة بين أفراد الأسرة وحذرت من الاعتماد على الأم أو الأخت فقط في ترتيب الشؤون المنزلية لأن ذلك يعتبر مسؤولية الجميع. وليس هناك عيب من قيام الأب أو الابن في تنظيف وترتيب الشؤون المنزلية.
تاسعا: التمتع بمزاج جيد: أضافت سيلفانا بأن التمتع بمزاج جيد يؤدي الى نشر جو من التفاؤل والبهجة داخل الأسرة. ويجب على من يتمتع بروح الدعابة بين أفراد الأسرة أن يضحك البقية
 
جمع وإعداد الدكتور محمد مصطفى بشارات
خبير التنمية البشرية والإستشاري الأسري
 

 

تم طباعة هذا المقال من موقع موقع الدكتور محمد بشارات (bsharat.com)

© جميع الحقوق محفوظة

(طباعة)