كيف تتجنب الضغط النفسي
الضغط النفسي
يمكن تعريف الضغط النفسيّ على أنّه: الطريقة التي يستجيب فيها الجسم لا إراديّاً من خلال الاستعدادات العقليّة، والبدنيّة، لأيّ حدث، أو دافع يُؤثِّر في مشاعره، كإجراء عمليّة جراحيّة مثلاً، كما أنّ الضغط النفسيّ يُمثّل حالة من عدم التوازن بين المُتطلَّبات النفسيّة، والبدنيّة، والمقدرة على تحقيق استجابة ناجحة عندما تكون نتيجة الاستجابة لهذه المُتطلَّبات ذات أهمّية كبيرة، كما يُعتبَر الضغط النفسيّ حالة من التوتُّر العاطفيّ، وظاهرة ناتجة عن مقارنة المُتطلَّبات التي تُطلَب من الشخص مع مقدرته على إنجاز هذه المُتطلَّبات، ومواجهتها، وعندما يحدث اختلال، وعدم توازن في نتائج المقارنة، وفي آليّات الدافعيّة لدى الشخص، وفقدان السيطرة، والتحكُّم في الأحداث، والأزمة الحاصلة، فإنّ ذلك كلّه يُؤدّي إلى تولُّد ما يُسمَّى ب(الضغط النفسيّ).
كثيراً ما يُستخدَم مصطلح الضغط النفسيّ بالتناوُب مع مصطلح القلق، وعلى الرغم من هذا التداخل بين المصطلحين، إلّا أنّ القلق يُعتبَر نتيجةً للشعور بالضغط النفسيّ، ويرى أحد الباحثين أنّ الضغط النفسيّ يُمثّل استجابة تَمرُّ بثلاث مراحل رئيسيّة، وهي:
· مرحلة الصدمة أو التأثير (بالإنجليزيّة: Alarm Stage): وهي المرحلة التي يتمّ فيها تحفيز الجانب البدنيّ؛ لمواجهة التهديد، حيث يفرز الجسم الهرمونات، وتزيد نبضات القلب، ويتسارع التنفُّس، ويستعدُّ الشخص لحالة القتال، والمواجهة، أو الانسحاب، والهرب.
· مرحلة المقاومة: وهي المرحلة التي يتمّ من خلالها مقاومة التهديد، والأزمة المُسبِّبة للضغط النفسيّ.
· مرحلة الإنهاك: وهي المرحلة التي تحدث في حالة الفشل في مواجهة الأزمة المُسبِّبة للضغط النفسيّ، ممّا يُؤدّي إلى استمرار تأثير الضغط النفسي لفترة طويلة، واستهلاك المصادر الفسيولوجيّة، الأمر الذي من شأنه إحداث الانهيار الجسميّ، والانفعاليّ.
كيفيّة تجنّب الضغط النفسيّ
هناك العديد من الطرق والاستراتيجيّات التي يمكن من خلالها تجنُّب، ومواجهة الضغوط النفسيّة، وأهمّ هذه الطرق:
· الاستراتيجيّات الإيجابيّة: وهي الأساليب التي تُستخدَم؛ لاقتحام الأزمة، ومواجهة آثارها، ويتمّ ذلك من خلال: محاولة حلّ المشكلة المُسبِّبة للضغط النفسيّ، والتصدّي لها بشكل مباشر. تحليل الموقف المُسبِّب للضغط النفسيّ بأسلوب منطقيّ؛ بهدف فهمه، والتهيُّؤ له، ولعواقبه. إعادة بناء، وتقييم الموقف بطريقة إيجابيّة، ومحاولة استجلاء الموقف مَعرفيّاً، وتقبُّل الواقع كما هو. جمع المعلومات التي تتعلَّق بالموقف المُسبِّب للضغط النفسيّ، والبحث عن المساعدة من الجهات المسؤولة، ومُؤسَّسات المجتمع التي قد تربطها علاقة مع الموقف.
· الاستراتيجيّات السلبيّة: وهي الأساليب التي تُستخدَم؛ لتجنُّب الموقف المُؤدِّي لحدوث الضغط النفسيّ، ولكن دون اللجوء إلى التفكير العقلانيّ، ويتمّ ذلك من خلال:
· استخدام محاولات مَعرفيّة؛ بهدف تجنُّب التفكير الواقعيّ في الموقف الضاغط. الاستسلام للأزمة المُسبِّبة للضغط النفسيّ، وجعل النفس تعتاد على تقبُّلها. اللجوء إلى أنشطة، ومُمارَسات بديلة، ومحاولة الاندماج فيها؛ بهدف الابتعاد عن الأزمة المُسبِّبة للضغط النفسيّ، وإيجاد مصادرجديدة للتكيُّف، والإشباع.
· التعبير عن المشاعر السلبيّة، وتخفيف التوتُّر، من خلال التنفيس، والتفريغ الانفعاليّ، لفظيّاً، أو من خلال المجهودات الفرديّة المباشرة.
· الاستراتيجيّات المعرفيّة: وتشمل الطرق الآتية: الرجوع إلى الدين (بالإنجليزيّة: Turning to Religion): أي أن يلجأ الأفراد إلى الجانب الروحيّ، والاهتمام بدينهم، وأداء العبادات على أكمل وجه باعتبارها مصدراً مُهمّاً للدَّعم الانفعاليّ، والروحيّ، ممّا يُساعد على مواجهة الأزمة المُسبِّبة للضغط النفسيّ، ومحاولة التغلُّب عليها. التفكير العقلانيّ (بالإنجليزيّة: Rational Thiking): أي لجوء الفرد إلى التفكير الواقعيّ، والمنطقيّ؛ بهدف الوصول إلى الأسباب، والمصادر التي تتعلَّق بالضغوط النفسيّة.
· التخيُّل (بالإنجليزيّة: Imagining): أي تخيُّل الفرد لما قد يحصل في المستقبل من أحداث، ووقائع مُرتبِطة بالأزمة المُسبِّبة للضغط النفسيّ. الإنكار (بالإنجليزيّة: Denial): وهو يُمثّل عمليّة معرفيّة يلجأ إليها الفرد؛ بهدف إهمال، أو إنكار الأزمة، والضغوط النفسيّة الناتجة عنها، إضافة إلى تجاهُل مصادر القلق، واعتبار أنّ الأزمة لم تحدث على الإطلاق.
· حلّ المشكلة (بالإنجليزيّة: Problem Solving): وهو البحث عن أفكار جديدة، ومُبتكَرة؛ بهدف مواجهة الأزمة المُسبِّبة للضغط النفسيّ، وهذا الأسلوب يُسمَّى ب(القَدْح الذهنيّ).
· استخدام روح الفكاهة (بالإنجليزيّة: Humor): يمكن من خلال اللجوء إلى روح الفكاهة التغلُّب على الضغوط النفسيّة، والتعامل معها بأسلوب مُبسَّط دون انفعال، أو توتُّر.
مصادر الضغط النفسيّ
لا يتولَّد الضغط النفسيّ من تلقاء نفسه، بل هناك العديد من الأحداث، والمُسبِّبات، والمصادر التي تُمهِّد الطريق للشعور بالضغط النفسيّ، وأهمّ هذه المصادر:
الاضطهاد النفسيّ: وهو على ستّة أنماط:
1. الرفض (بالإنجليزيّة: Rejection): ويتمثّل برَفْض حاجات الفرد بأسلوب فَظّ. إيذاء المشاعر وإهمالها (بالإنجليزيّة: Denial of emotion): ويتمثّل بعدم الاهتمام، والإهمال المُتواصِل للفرد.
2. الإذلال (بالإنجليزيّة: Degradation): ويتمّ ذلك بالسبِّ، والشَّتْم، والتحقير أمام الآخرين. الإرهاب (بالإنجليزيّة: Terrorization): أي إكراه الفرد، وإجباره على مشاهدة القتل، والعُنف ضِدَّ الآخرين.
3. العَزْل (بالإنجليزيّة: Isolation): أي مَنْع الفرد من الانخراط مع الآخرين، والمشاركة، واللعب، والتفاعُل مع الآخرين. الاستغلال: أي الحصول على الفائدة، والمصلحة الشخصيّة من الفرد؛ بسبب ضعفه، وقلّة حيلته. الملل: حيث يُعتبَر الملل مصدراً مُهمّاً للشعور بالضغط النفسيّ؛ لأنّ الحياة عندما تخلو من الأحداث، والمُثيرات، فإنّ الإنسان يبدأ بالشعور بالتوتُّر، والقلق.
4. أحداث الحياة: حيث تُؤثِّر أحداث الحياة، والتغيُّرات المُفاجِئة في حالة الضغط النفسيّ للأفراد، مثل تغيُّر الوضع الاقتصاديّ، أو تغيُّر العلاقة مع الآخرين، أو أنّها تتعلَّق بالمشاكل العائليّة، أو ضغوط الدراسة، والفشل في الامتحانات، ومشاكل التكيُّف مع الأقران.
5. الحرمان المادّي عند الأطفال: فقد يتولَّد الضغط النفسيّ عند الأطفال؛ بسبب حرمانهم من حاجاتهم الأساسيّة، وتقييد حُرّيتهم، وإجبارهم على عيش حياة جديدة بعيداً عن أقرانهم، وأماكنهم المُفضَّلة.
6. الحروب: تُسبِّب الحروب، والنِّزاعات حالةً من الضغط النفسيّ لدى مختلف فئات أفراد المجتمع، وخاصّة لدى فئة الأطفال؛ نظراً لطبيعتهم النفسيّة، والعقليّة، والجسميّة.